كيمياء السعادة النفسية

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
ما شعورك عندما
يقدم لك شخص تعرفه هدية لك؟ ولماذا تبتسم حينما تتذكر موقفا جيدا مر عليك في
الماضي؟ ولماذا تضحك عندما تشاهد مشهدا كوميديا؟ ولماذا تشعر بالارتياح حينما
تعانق شخصا عزيزا عليك؟ كل هذه الأسئلة نجيب عنها في الموضوع التالي بطريقة علمية.
هناك عدة هرمونات
يطلق عليها هرمونات السعادة، والتي سنتناول منها أربعة هرمونات، وسنتعرف على
الأنشطة التي تحفز إفراز هذه الهرمونات الهامة.
هرمون الدوبامين Dopamine
ويطلق عليه هرمون
الهمة العالية؛ حيث يقوم المخ بإفراز هذا الهرمون عندما تحقق هدف قمت بالتخطيط له،
ولقد وجدت الدراسات أن الشخص الذي يعاني من تدني تقدير الذات ونقص الثقة بالنفس
وقلة الدافعية لإنجاز الأعمال يدل على تدني مستوى الدوبامين. ولقد أجريت تجربة على
مجموعتين من الفئران؛ حيث تم وضع كمية قليلة من الطعام بالقرب منها، في حين وضعت
كمية أكبر وأفضل خلف سياج، فكانت النتيجة أن الفئران ذات المستوى المدني من
الدوبامين فضلت الطعام القليل القريب منها، بينما الفئران ذات المستوى الأعلى من
الدوبامين فضلت تجاوز السياج للحصول على الطعام الأكثر والأفضل.
ولقد وجد أن مستوى
الدوبامين يقل مع مرور الوقت بعد الانتهاء من إنجاز الأعمال أو تحقيق هدف معين،
ولذلك لكي تضمن استمرار إفراز الهرمون اجعل في خطتك أهداف مستمرة قابلة للتحقيق؛
فمثلا قسم الهدف الكبير إلى أهداف صغيرة إجرائية يسهل تحقيقها، وفي كل مرة تحقق
فيه هدفك الصغير يقوم الجسم بإفراز هرمون الدوبامين مما يشعرك دوما بالسعادة، ولذلك
فإن الأشخاص الذين تعودوا في حياتهم على إعداد الخطط بكافة مستوياتها، يشعرون
بالارتياح وتزداد ثقتهم بأنفسهم، ومستوى الصحة النفسية لديهم يكون مرتفع.
وهناك بعض الأنشطة
التي تحفز الجسم لإفراز هرمون الدوبامين، مثل:
- حل الألغاز؛ مثل
لعبة السودوكو أو الألغار الرياضية البسيطة.
- التخطيط عن طريق
وضع أهداف قابلة للتحقق؛ ولذلك ننصح بإعداد الخطط اليومية.
هرمون السيروتونين Serotonin
يفرز هذا الهرمون
بكثرة لدى الأشخاص الذين يكون عندم تقدير مرتفع للذات، ولقد وجد أن هناك علاقة بين
غياب هذا الهرمون وبين الشعور بالوحدة والاكتئاب.
كما ترتفع مستويات
هذا الهرمون في الجسم عندما يبدأ الشخص في تذكر أحداث سعيدة حدثت معه، مثل يوم التخرج
من الجامعة، أو حفل الزفاف، أو تذكر موقف مضحك ... إلخ؛ ولذلك ننصح البعض بأن يجلس
مع نفسه ويتذكر اللحظات السعيدة التي حدثت في حياته؛ لأن المخ يعيش تجربة الحدث
السعيد من جديد كما لو كان هذا الحدث يعاد مرة أخرى في الواقع، والسبب في ذلك أن
المخ يجد صعوبة كبيرة في التمييز بين المواقف الحقيقية والمواقف المتخيلة.
ولذلك ننصح بأنه
إذا وجدت نفسك تعاني من بعض ضغوط العمل، اجلس مع نفسك وتذكر المواقف السعيدة التي
مررت بها لأن ذلك يحفز إفراز هرمون السيروتونين، وبالتالي تشعر بالارتياح.
كما أن هناك طرق
أخرى لتحفيز المخ على إفراز هرمون السيروتونين وهي:
- تناول وجبة
الغداء أو مشروبك المفضل خارج المنزل.
- التعرض للشمس
لمدة 20 دقيقة، حيث إن بشرة الجسم تمتص الأشعة فوق البنفسجية التي تحفز إنتاج كل
من فيتادمين د، وهرمون السيروتونين. وأفضل وقت للتعرض للشمس هو ما بعد الشروق حتى
قبل الظهيرة، أو قبل غروب الشمس بساعة ونصف تقريبا.
هرمون
السيتوسين Oxytocin
يفرز هذا الهرمون
أثناء العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، كما يفرز عندما تضم الأم طفلها على
صدرها، أو تقوم بإرضاعه. كذلك فإن العناق بين شخصين يحفز إفراز هرمون السيتوسين
أكثر من مجرد قيامهم التسليم بالأيدي، وفي الحقيقة فإن الاتصال الجسدي بين الطرفين
لا يحفز فقط إفراز هرمون السيتوسين بل يحسن من كفاءة الجهاز المناعي للجسم.
ما شعورك حينما
يقوم زميلك في العمل، أو أحد أصدقاءك أو أحد أفراد اسرتك بتقديم هدية لك؟
أيضا تقديم الهدية
للطرف الآخر يزيد من مستوى هرمون السيتوسين داخل الجسم، ولذلك يمكنك تحسين العلاقة
بينك وبين زملائك في العمل عن طريق الهدية لأن هذا يقوي العلاقات بينك وبينهم
وبالتالي يزيد من مستوى هرمون السعادة السيتوسين. ولعل هذا يذكرنا بقول النبي صلى
الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا".
هرمون
الإندورفين Endorphins
هذا الهرمون يخفف
من الألم والإجهاد، كما أنه أيضا يخفف من الشعور بالقلق، وهو يعمل كمسكن للألم
ومهدئ مثل تأثير المورفين، وبالتالي يقلل من شعور الفرد بالألم.
ويعد الضحك من
أسهل الطرق لتحفيز إفراز هرمون الإندورفين، فمثلا عند مشاهدة فيلم كوميدي يزيد من مستوى هذا
الهرمون في الجسم. ويمكن الاستفادة من ذلك في العمل، حيث إن جو العمل الذي يتمتع
بشيء من المرح والفكاهة يسهم في شعور العاملين بالارتياح نيتجة إفراز هذا الهرمون،
مما يؤثر بالإيجاب على الإنتاجية. وبالتالي عندما تمزج بين الجدية والفكاهة في
عملك فإنك ستحافظ على مستوى هذا الهرمون في الجسم وبالتالي ستستمتع بعملك وسوف تؤديه
بكفاءة.
ولقد أظهرت
الدراسات أن الشيكولاتة الداكنة والأطعمة الغنية بالتوابل تحفز المخ لإفراز هرمون
الإندورفين، ولذلك ننصحكم بالاحتفاظ الشيكولاتة الداكنة على المكتب وذلك من أجل
تناولها للحصول على كمية مناسبة من الإندورفين في الجسم.
نخلص من ذلك إلى
أن هناك أنشطة عديدة يمكننا ممارستها بسهولة دون بذل جهد كبير، تسهم في شعورنا
بالسعادة النفسية التي تنعكس بالإيجاب على صحتنا النفسية.
الموضوع في وقته. أحتاج مثل هذه الخطوات. شكرا
ردحذف