كيف نربي
أبناءنا في عصر التكنولوجيا؟ (ا)

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
هذا
الموضوع كان لقاء معي بمجلة هي وهو القطرية، وتم نشره في عدد شهر مارس عام 2017،
وأحببت أن أشارككم هذا الموضوع مع بعض الإضافات البسيطة عليه؛ عله يضيف ويفيد
القارئ.
- لماذا
يلجأ الإنسان بصفة عامة، والطفل بصفة خاصة إلى ممارسة نشاط ما أيا كان هذا النشاط؟
يلجأ الإنسان إلى
ممارسة النشاط لسببين:
1- إما أنه يعيش فراغ
ولا يجد ما يفعله، وبالتالي يقوم بالنشاط حتى يمر هذا الفراغ.
2- وإما أنه يريد
التنفيس عن ضغط داخلي. (تعرض الشخص للضغوط والتعنيف).
وبالتالي فإن أقرب
ممارسة للطفل هي الألعاب الإلكترونية، خاصة وأنها تجذب الانتباه وتجعل الطفل يعيش
في جو من التحدي والإثارة والشغف الكبيرين، وباستمرار تعامل الطفل مع هذه الألعاب
فإنه يصبح مدمنا عليها، ويقضي الليل والنهار في التعامل معها.
- ما أبرز
التأثيرات السلبية للاستخدام المفرط لألعاب الفيديو؟
1- قد تعيق النمو
اللغوي والقدرة على التركيز والانتباه لدى المستخدم.
2- تجعل الطفل
عدوانيا جدا تجاه الآخرين، وتؤدي إلى سرعة الانفعال.
3- قد تدفع الطفل في
مرحلة ما إلى السرقة؛ حيث إنه لكي يحصل على اللعبة من الإنترنت عليه أن يقوم
بالدفع بواسطة البطاقة الائتمانية، وبالتالي يستخدم أي طريقة للحصول على المال.
4- تجعل المستخدم
أنانيا ويتمركز حول ذاته فقط.
5- تؤدي إلى العزلة
الاجتماعية، وتضعف القدرات الاجتماعية للمستخدم، وبالتالي لا يصبح قادرا على
استخدام مهارات التواصل مع الآخرين والتفاعل مع العائلة والمحيط خارج العائلة. وقد
تؤدي في النهاية إلى أن يكون عرضه للإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب
والقلق.
- ما عدد الساعات المسموح بها للأطفال لاستخدام الألعاب الإلكترونية يوميا؟
علميا لم أصادف دراسة تحدد عدد الساعات ولكن حددت شركة تنسنت للألعاب
الصينية ساعة لمن عمرهم أقل من 12 عام، وساعتين لمن عمرهم يزيد عن 12 عام.
كذلك طرحت كوريا الجنوبية قانونا في عام 2011 يقضي بحظر دخول الأطفال الذين
تقل أعمارهم عن 16 عاما على مواقع ألعاب الإنترنت، خلال الفترة من منتصف الليل وحتى
السادسة صباحا.
- الطفل في الألعاب القتالية يعتاد رؤية الدماء، وفي سباقات السيارات، يجد السيارة
تصدم المارة وترتطم بالجدران وتسقط من أعلى الجبل... ما تأثير تلك الصور على مخيلته؟
وهل يمكن أن يحاول أن يحاكيها في الواقع؟
الطفل يميل إلى التخيل، وبالتالي فإن هذه المشاهد تزيد من الخيال عند
الطفل، وللعلم فإن مخ الإنسان لا يستطيع أن يفرق بين الموقف الحقيقي والموقف
المتخيل؛ حيث يتفاعل مع الموقف المتخيل كما لو كان حقيقة، وبالتالي يبدأ الطفل في
محاكاة ما يشاهده من ألعاب قتالية على أرض الواقع.
- كيف نعد
أبنائنا لاستخدام وسائل التكنولوجيا بالشكل الصحيح والمفيد بعيداً عن سياسة المنع،
وهل لابد من وضع حدود في الاستخدام أو تقنين الاستخدام بطريقة ما، وكيف؟
العالم يتطور بسرعة
مذهلة في شتى المجالات، فالأمس يختلف عن اليوم،
واليوم يختلف عن غدا، وكل وقت له متطلباته الخاصة، وجميعنا لاحظ النمو الهائل في
وسائل التكنولوجيا الحديثة وعلى رأسها وسائل التواصل التي أبهرت جميع البشر على
مختلف أجناسهم، ومما لا شك فيه أن أبناءنا هم جزء من هذا التغيير، وتربيتهم
الحالية تختلف تماما عما سبق، فاتصالهم بوسائل التكنولوجيا الحديثة أصبح أمرا
حتميا، ولا يمكننا أن نمنعهم من الاحتكاك بها؛ مثل التعامل مع أجهزة الحاسب الآلي
والتليفونات المحمولة، ولذلك على الآباء أن يبتكروا وسائل تربوية تختلف عما تربوا
عليه في الماضي.
ولكي نقلل من الاستخدام المفرط وغير المحسوب لأدوات التواصل الحديثة
(الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية)، علينا أن نربيهم منذ نعومة أظافرهم على كيفية
اختيار المحتوى المناسب بما يعود عليهم بالنفع، وعلينا أن نعلهم قاعدة "أن
الشيء إذا زاد عن حده، انقلب ضده" بمعنى أن استخدامنا لكل الأدوات في حياتنا
يجب أن يكون باعتدالية، وليس بإفراط مضر للصحة ويضيع الوقت، ولذلك يفضل أن نربي
أبناءنا على أن تكون هناك مدة محددة للتعامل مع مواقع التواصل المختلفة، ولا
تتجاوز أكثر من ساعتين باليوم الواحد، ونعلم أبناءنا أهمية الوقت وأهمية استثماره
فيما يفيد.
وعندما يريد ابننا استخدام الهاتف الذكي في تصفح ومشاهدة مقاطع الفيديو،
علينا أن نوجهه منذ البداية إلى مشاهدة المقاطع المفيدة، ومناقشته فيها كنوع من
الحوار البناء، فلا مانع من أن نسأل ابننا، عن محتوى الفيديو، والدروس المستفادة
من هذا المحتوى وكيفية توظيفها في حياتنا. فإذا ما عودنا ابننا على ذلك، فإننا
نكون قد حققنا عدة أهداف، منها:
1- أننا نجحنا في أن يكون هناك حوارا تربويا إيجابيا وهادفا.
2- نجحنا في تبصير أبنائنا بالمحتويات التي تعود عليهم بالنفع.
3- استطعنا أن نوجههم نحو المحتويات الصحيحة التي تفيدهم.
4- استطعنا تصحيح المفاهيم التي قد تكون مغلوطة بداخل المحتويات التي
يتابعونها.
- ما الأعمار المناسبة( الحد الأدنى للعمر المسموح) لاستخدام كل من البرامج
الرقمية( الفيس بوك، الواتس آب، انستغرام، سناب شات وغيرها)؟
من وجهة نظري الشخصية فإنه ينبغي ألا يقل العمر عن 13 عام، إلا أن الواقع
عكس ذلك تماما، حيث نجد أن الأطفال عندما يسجلون في مواقع التواصل يكتبون أعمار
وهمية حتى يتمكنوا من الدخول واستخدام هذه المواقع. والطفل دون سن الثالثة عشر لا
يدرك سرية المعلومات الشخصية التي ينبغي عليه الاحتفاظ بها، وبالتالي يكون عرضة للابتزاز
من الآخرين وقد يقع ضحية للتهديد والاستغلال والتحرش من قبل الآخرين وبالتالي لا
يستطيع الطفل حماية نفسه من هؤلاء، كما أن الطفل دون الثالثة عشر لا يمتلك القدرة
على التفكير بطريقة أخلاقية تجاه الآخرين، كما يصعب جدا على العقل في هذا السن أن
يدرك مدى تأثير أعماله وأنشطته على الآخرين، فالطفل دون وعي وإدراك منه قد يعرض
نفسه للأذى إذا ما استخدم أسلوب الإساءة أو التهديد والابتزاز غير المحسوب تجاه
الآخرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق