تحدث مع نفسك بإيجابية (1 – 2)

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
تخيل لو أن شخص ما
دائما يأتيك بأخبار مفرحة، ويبتسم في وجهك، ويتحدث معك عن مميزات الأشياء والجمال
الموجود فيها وكيف يمكن استثماره في الحياة، واستمر أيضا هذا الحال فترة طويلة قد
تصل إلى عام كامل. فلو أنك تجلس في مجلس وتم ذكر اسم هذا الشخص، ما الفكرة التي
ستخطر ببالك بمجرد ذكر اسمه أمامك، وما الشعور الذي يخالجك بمجرد أن تتكون صورته
في ذهنك؟
في نفس الوقت تخيل
لو أن هناك شخصا آخر، يأتيك كل يوم بأخبار سيئة، عابس الوجه، ومليء بالمشكلات
والمعاناة، ودائما ما يتحدث معك عن العيوب والنقائص، واستمر هذا الحال فترة طويلة
قد تكون أسبوعا أو شهرا أو سنة كاملة. لو أنك تجلس في مجلس وتم ذكر اسم هذا الشخص،
ما الفكرة التي ستجول برأسك فور سماعك اسمه؟ وما الشعور الذي سينتابك بمجرد أن
تأتي صورته في ذهنك؟
بالطبع لن أجيب
نيابة عنك أيها القارئ الكريم على هاتين الحالتين، بل أتركك أنت لتجيب عن هذه
الأسئلة، وبالتالي أنصح كل من يقرأ هذه المقالة أن يحضر ورقة وقلم ويكتب إجاباته، وذلك
ليصل إلى النتائج بنفسه ويتأملها جيدا، ويضع خطة مبسطة لكيفية استثمار النتائج
التي توصل إليها في تحسين حالته ومزاجه النفسي.
كذلك الأمر
بالنسبة للأشخاص الذين يتحدثون مع أنفسهم، وقد سبق وأن كتبنا في موضوع الحوار،
ذكرنا أن من دوائر الحوار، حوار الفرد مع ذاته، وهذا ما نسمية الحديث مع الذات،
فالحديث مع الذات لا يختلف نهائيا عن الحالتين الذين ذكرناهما في مطلع هذا الموضوع،
فهناك من يتحدث مع ذاته بسلبية شديدة مما يدخلها في حالة من الشعور بالحزن والضيق
والتوتر والقلق وربما يصل ذلك إلى الاكتئاب، وهناك من يتحدث بإيجابية مع ذاته مما
يدخلها في حالة من الارتياح والسرور والسعادة. وسوف تنتاول هنا الحديث الإيجابي مع
الذات.
ماذا
يقصد بالحديث مع الذات؟
عرفه تايلور
بقوله: "هو حوار داخلي يقول الأشخاص أثناءه لأنفسهم أشياء قد تمنعهم أو
تساعدهم على القيام بالعادات الصحية المناسبة."، كما عرفه كرم الله بأنه أحد
الأساليب الإرشادية التي تستخدم الحوار الداخلي أو التعليمات الذاتية في مناقشة
الذات في محاولة لإيجاد الاستجابة المناسبة للموقف.
ومن هنا نستطيع أن
نقول أن الحديث مع الذات قد يكون حديثا إيجابيا يزيد من ثقة الإنسان بنفسه
وبالتالي يكون دافعال للتقدم والنجاح والتميز، وقد يكون هذا الحديث حديثا سلبيا
يقلل من تقدير الفرد لذاته ومن ثم نقص الثقة بالنفس وعدم الإيمان بقدراتها
وبالتالي يكون ذلك دافعا للانسحاب والإخفاق، وفي النهاية تتكون شخصية مهزوزة تخاف
من أي مواجهة.
ما
المقصود بالحديث الإيجابي للذات؟
عرفه ظافر بأنه
تعديل التعليمات الذاتية والذي ينتج عنه سلوك متوافق بدلا من السلوك غير المتوافق،
إذ يتمكن الفرد من التعامل مع المواقف والمشكلات التي يواجهها. ومن هنا نقول أن
الحديث الإيجابي مع الذات هو بمثابة عملية مراجعة للأفكار التي يكونها الفرد عن
نفسه وعن قدراته وإمكانياته، والتي تؤثر حتما في مشاعره مما ينعكس ذلك في النهاية
على سلوكه تجاه نفسه وتجاه محيطه الاجتماعي.
لقد وصلتنا رسائل
كثيرة لأشخاص يقولون أنهم لا يثقون في أنفسهم وأنهم يخشون التحدث أمام الغير
وغيرها من التحديات التي تقع هذا النطاق.
وفي الحقيقة عندما
تناقشنا معهم حول هذه المشكلة، وجدناهم في المقام الأول لا يثقون بأنفسهم والسبب
في ذلك هي الأحاديث السلبية مع ذواتهم مما أدى إلى تكون أفكارا سلبية انعكست
بالطبع على مشاعرهم وسلوكياتهم، وكانت إحدى الوسائل الفعالة في معالجة هذا التحدي
هو تدريب هؤلاء على التحدث بإيجابية مع الذات ومراجعة تلك الأفكار السلبية،
وبالفعل بعد الممارسة المستمرة استطاعوا أن يجتازوا هذا التحدي واستبدلوا الأفكار
السلبية عن ذواتهم بأفكار إيجابية وكانت كلمة السر هي الحديث الإيجابي مع الذات. ولذلك
سنتحدث في الجزء الثاني من الموضوع عن فوائد الحديث الإيجابي مع الذات مع عرض بعض
من هذه التحديات من الواقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق