تحدث مع نفسك بإيجابية (2 – 2)

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
تحدثنا في الجزء
الأول عن مفهوم الحديث مع الذات وعرفنا أنه حوار داخلي يجريه الفرد مع ذاته حيث
يقول لنفسه أشياء قد تساعده على التقدم للأمام أو تعيق تحقيق أهدافه. كما تعرفنا
على الحوار الإيجابي مع الذات وهو عبارة عن حوار داخلي يهدف إلى تعديل صورة ذهنية
سلبية نحو صفات أو أشياء معينة، وعرفنا أنه بمثابة عملية تعديل للأفكار السلبية
والتي يكونها الفرد عن نفسه وعن قدراته وإمكانياته والتي تؤثر في مشاعره وسلوكياته
نحو الآخرين. وفي هذا الجزء سوف نتحدث عن فوائد الحديث الإيجابي مع الذات.
فوائد الحديث الإيجابي مع الذات
كما فهمنا من
التعريف السابق أن الحديث الإيجابي مع الذات يساعد على استبدال الأفكار السلبية
بالأفكار الإيجابية التي تمكن الفرد من الانطلاق، مثلا: نجد من يقول " قدراتي
اللغوية ضعيفة والدليل أني ضعيف في اللغة الإنجليزية وأني مهما أفعل فلن أستطيع
إتقانها"، هذه فكرة سلبية عن الذات، ويمكن بالحديث الإيجابي أن يستبدلها
بقوله "أنا لدي عقلا كغيري، وبالإرادة والعزيمة أستطيع أن أحسن من قدراتي
اللغوية، فأنا لست أقل ممن تعلموا اللغة".
2- تحقيق الاستقرار الداخلي من خلال استبدال الشعور السلبي بالشعور
الإيجابي:
كما وضحنا أن
الأفكار السلبية تستجلب معها شعورا سلبيا كالشعور بالضيق والغضب، أما الحديث
الإيجابي، ينشئ نوع من الشعور بالرضا عن الذات، ومثال على ذلك، تجد شخصا يقول لدي
أصدقاءا يجتمعون كل أسبوع ويتناقشون في موضوعات معينة، أنا أشعر بالحزن، لأني لا
أستطيع إقناع الآخرين بوجهة نظري وبالتالي لن أحضر لقاءاتهم"، ويمكن بالحديث
الإيجابي أن يقول "أنا أستطيع أن أعبر عن وجهة نظري بجرأة، وقبل أن أدخل في
مناقشة لموضوع ما، سأسعى لإحضار أدلة تدعم كلامي" وهنا نوجه صاحب هذه التحدي
ألا يكتفي بهذا القول، بل يذهب ويبحث عن الأدلة التي تدعم كلامه سواء في الكتب أو
الإنترنت، وحين يحصل على هذه الأدلة حتما سيتبدل شعوره وسيشعر بسعادة غامرة. جربوا
ذلك وسترون.
3- استعادة الثقة بالنفس:
لا شك أن الحديث
الإيجابي مع الذات يشعرها بقيمتها وبأهميتها خاصة إذا تمت ترجمة هذا الحديث إلى
واقع عملي، مثلا تجد موظفا لإحدى المؤسسات يقول "أنا أفتقد التركيز، ودائما
أنسى ما يقوله لي مديري، ولذلك أنا إنسان فاشل"، هنا يمكن استبدال ذلك بالقول
"سأتذكر كل تعليمات مديري بأن أحضر ورقة وقلم وأكتب ما يقوله، وأضعه أمام
عيني لأنفذ ما يطلبه بدقة"، عندما يطبق هذا الموظف هذه الطريقة تجده ينجح في
إتمام جميع المهام المطلوبة منه وبالتالي تزداد ثقته في نفسه وينجح ويتطور.
4-
تحقيق ما يسمى بتقدير الذات لدى الفرد:
والمقصود بتقدير
الذات هو تقييم الشخص لنفسه ككل، ومستوى رضاه عن ذاته من حيث قدراته وإمكانياته
والجوانب التي يتميز فيها، كذلك تقييم الشخص لذاته من حيث الجوانب التي تحتاج إلى
تغيير ومعالجة.
5- تخفيف
حدة الصراعات النفسية التي تنشأ لدى الفرد:
والصراع النفسي هو
حالة تتصادم فيها الدوافع، حيث يجد الفرد نفسه أمام دافعين متساويين في القوة
ومتعاكسان في الاتجاه، يلحان على الإشباع معا، وعليه أن يختار أقلهما ضررا بالنسبة
له، وإذا لم يستطع أن يختار ويفاضل بينهما تتولد لديه الحيرة والقلق.
فمثلا تجد طالبا
حائرا كيف يختار التخصص الذي يؤهله لسوق العمل، فتجده حائرا بين دراسة المسار
العلمي ودراسة المسار الأدبي، ولا يعرف أيهما يختار. ولذلك فإن الحديث الإيجابي مع
الذات يولد لديك الثقة في إمكاناتك وقدراتك وبالتالي يمنحك القدرة على الاختيار
دون تردد أو خوف، وبالتالي تخف حدة الصراعات التي قد تمر بها.
6-
يساعد على تحقيق الأهداف التي يسعى الفرد إلى إنجازها:
إن الإيمان
بالقدرات والإمكانات الذي يتأكد من خلال الحوار الإيجابي مع الذات، يساعدك على وضع
أهداف واقعية وقابلة للتحقق، حيث تتناسب مع قدراتك وبالتالي يمكنك تحقيقها.
ونعلم أن شروط
الهدف الجيد هو أن يكون هدفا محددا، وواقعيا، وقابل للتحقيق، وقابل للقياس، وله
إطار زمني يمكن من خلاله إنجازه.
7- تحقيق
التوافق النفسي والاجتماعي:
الحديث الإيجابي
مع الذات يحقق لديك التوافق مع ذاتك، والتوافق مع مجتمعك، فلا تقلل من قيمة نفسك
ولا تخاف ولا تخجل من المجتمع.
نصيحة لمن يريد أن يتغير للأفضل
ننصح كل من يرى
نفسه أنها أقل من الآخرين، أن يجلس مع نفسه ومعه ورقة وقلم ويكتب ويعدد مميزاته
وإيجابيات مع إعطاء أدلة تدعم هذه الإيجابيات وذلك من أجل إقناع ذاته بقدراته
الحقيقية، وتعديل أفكاره، مع إضفاء نوع من التحدي بأنه سينجح وذلك عن طريق
الممارسة المستمرة ويجرب ما كان يخاف منه، وإذا ما أخفق يستمر في المحاولة حتى
ينجح، خاصة وأن النجاح يجلب نجاحات، وكل ذلك لا يتأتى إلا بالممارسة والتطبيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق