أثر الشورى في
تقوية العلاقات الأسرية (2-2)

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
تحدثنا في الجزء الأول عن مفهوم الشورى وقلنا أنه حوار
بين طرفين أو أكثر، يتم فيه عرض الآراء ووجهات النظر المختلفة حول موضوع معين،
وذلك من أجل اختيار الأفضل والأكثر ملاءمة لطالب المشورة، والآن سوف نتناول أثر الشورى
على استقرار الأسرة.
أثر الشورى على استقرار الأسرة
إذا أراد الزوج مثلا شراء سيارة أو قطعة أرض أو شراء
منزل، أو حتى اتخاذ قرار بترك العمل الحالي للالتحاق بعمل آخر، وغيرها من
القرارات، أو إذا أرادت الزوجة اتخاذ قرار ما، مثل شراء غرض من أغراضها ... إلخ،
فإنه يفضل أن يقدم كل طرف على استشارة الآخر وأخذ رأيه، وذلك لأن ذلك له عدة
فوائد، نذكر منها التالي:
1- إحساس كل طرف بأن له دور مهم في الأسرة وبخاصة
الزوجة، فالزوجة تشعر بقيمتها عندما يستشيرها زوجها في أمر ما، وفي الحقيقة فإن
الرجل الذكي هو من يشعر زوجته بقيمتها وأهميتها.
2- تقوية الشعور بالولاء والانتماء،
فالزوجة حينما تجد أن زوجها يشركها ويستمع لرأيها، ويأخذ به إذا كان صائبا، فإنها
حتما ستشعر بولائها له وبانتمائها لبيتها، وبأن هذا البيت هو مملكتها الأبقى، ولقد
لوحظ أن الزوجة التي تعاني من تهميش زوجها لها، يكون انتماؤها أكثر لبيت أبيها عن
بيت زوجها، وبالتالي يسهل ويهون عليها ترك بيتها عند حدوث أقل مشكلة وربما ينتهي
ذلك بالطلاق. أما الزوجة التي تشعر بأنها شريكة لزوجها في كل شيء، فإنها ترتبط به
أكثر ويكون انتمائها لبيتها اكثر من أي مكان آخر.
3- تقوية الحب، بالطبع حينما تشعر الزوجة بأن زوجها
يشعرها بقيمتها وأهميتها وأن لها دورا فاعلا في الحياة الزوجية، فإن ذلك يزيد من
حبها لزوجها، وكذلك الأمر بالنسبة للزوج.
4- زيادة الشعور بالمسئولية، فحينما تشعر الزوجة بأن
مشاركتها زوجها في اتخاذ القرارات التي تتعلق بالحياة الأسرية، فإنها تتحلى
بمسئولية كبيرة تجاه أسرتها، بل وتعمل جاهدة على تحقيق هذا الاستقرار. والعكس،
حينما يتم تهميش الزوجة فإنها تترك لزوجها تحمل تبعات تصرفاته وقراراته، وتجد أن
لسان حال بعض الزوجات يقول، "فليتحمل هو عواقب ما يفعل، فما يهمني هو أن يلبي
طلباتي واحتياجاتي"، ولذلك فإن هذه النوعية من الزوجات،
لا تكلل حياتها الزوجية بالنجاح، وإنما في الغالب تنتهي إما بالطلاق الرسمي أو
الطلاق العاطفي.
5- تحقيق التفاهم والانسجام والاندماج بين أفراد الأسرة،
وذلك لأنه مع المداومة على تطبيق مبدأ الشورى، فإن كل طرف يتعرف أكثر على الطرف
الآخر ويفهم نمطه الشخصي، ويعرف ما يحبه وما لا يحبه، وبالتالي يتولد شعور متبادل
من الود والحرص على الآخر، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق السعادة داخل المنزل.
6- تزيد الشورى من ثقة الأبناء بأنفسهم، حيث إن إشراك
الأبناء في اتخاذ القرارات داخل الأسرة، يزيد يشعرهم بقيمتهم وأهميتهم، وينعكس ذلك
بالإيجاب على سلوكياتهم داخل المنزل وخارجه. فعندما تقول الأم لطفلها ماذا تقترح
بخصوص عطلة نهاية الأسبوع؟، أو يقول الأب لطفله، ما رأيك في كذا .....
7- تزيد الشورى من احترام الزوجين لبعضهم من جهة، وتزيد
من احترام الأبناء لأبائهم من جهة أخرى، وذلك لأن كل عضو في الأسرة يتعود على
احترام الآراء وتقديرها، وأيضا يتعود الجميع على تقبل وجهات النظر الأخرى والقبول
بالأفضل والأصلح دون التعصب للرأي.
8- تحمي الشورى الأبناء من الأفكار الهدامة وعوامل الهدم الخارجية، حيث إن مبدأ الشورى يمكن
الجميع من طرح الأفكار التي تدور في الأذهان مع تنقيحها واختيار الأنسب والأفضل
بما يتوافق مع قيم الأسرة التي تربت عليها، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تحصين الأبناء
وحمايتهم من أي فكرة غير مناسبة قد تتحول إلى سلوك سلبي يؤثر على استقرار الأسرة.
التواصل بين الزوجين وأهميته:
مما لا شك فيه أن الشورى بين الزوجين هي نوع من أنواع
التواصل البناء الذي يقوي العلاقة بينهما، وللتواصل أثر كبير وإيجابي في الحياة
الزوجية، لأنه يمكن كل طرف من معرفة ما يدور بأذهان وأفكار شريك الحياة، وإن قلة
الحوار بين الأزواج لهو سبب رئيسي للتباعد الروحي بين الطرفين، حيث إن كل منهما لا
يعلم بما يفكر فيه الآخر، ولذلك فإن فالتواصل مهم جدا بين الزوجين، وكذلك فإنه
ضروري جدا مع الأبناء لأنه يكسر الحواجز بين الأولاد وآبائهم مما يسهل من الحوار
والحرية في التعبير عن الرأي دون خوف أو خجل.
وأخيرا نقول إن إشتراك كل أفراد الأسرة في اتخاذ
القرارات المختلفة حتى وإن بدت قرارات صغيرة وغير مؤثرة، يؤدي في النهاية إلى
تقوية العلاقات بينهم وبالتالي حماية الأسرة من أي عامل من عوامل التفكك التي
تتعرض لها من وقت لآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق