كيف
نربي أبنائنا في عصر التكنولوجيا؟ (2)

بقلم: محمد كمال
مرشد نفسي وتربوي
هذا
الموضوع كان لقاء معي بمجلة هي وهو القطرية، وتم نشره في عدد شهر مارس عام 2017،
وأحببت أن أشارككم هذا الموضوع؛ عله يضيف ويفيد القارئ.
- كيف تكون رقابة الأهل على استخدام الأطفال والمراهقين لوسائل
التكنولوجيا، ما شكل هذه الرقابة لضبط الاستخدام بدون ضرر؟
أنا ضد الرقابة الصارمة من الأهل تجاه الطفل أو المراهق، لأن ذلك يضطره إلى
الكذب والخداع، وبالتالي نكون قد فاقمنا المشكلة، وإذا ما أراد أن يتعامل الآباء
مع أبنائهم بطريقة تربوية، عليهم باتباع الحوار البناء مع الأبناء، والحديث معهم
حول سلبيات وإيجابيات استخدام مواقع التواصل، ومن ثم يتم تبني طريقة تسمى العقد
السلوكي، أي يكون هناك اتفاق بين الوالدين وابنهم يتناول آلية ومدة التعامل مع
وسائل التواصل في اليوم الواحد، مع استخدام التعزيز المناسب، كما ننصح بأن يشارك
الوالدين أبناءهم في مشاهدة بعض المحتويات المفيدة إذا ما تعلق الأمر بالتعامل مع
مقاطع الفيديو، لأن ذلك بمثابة شهادة ثقة بين الوالدين وابنهما، مما ينعكس
بالإيجاب على العلاقة بينهم، وبالتالي يضمن الوالدين أن ابنهما لن يتعامل مع هذه
الواسائل بطريقة سلبية في غيابهما، كما أنه يعطي الفرصة للوالدين لمتابعة ما
يتعامل معه ابنهما دون فرض رقابة صارمة عليه.
- كيف نعلّم أطفالنا مقاومة اغراءات اقتناء كل جديد يأتينا من الأجهزة
الرقمية؟
يجب أن نعلمهم مبدأ الربح والخسارة بطريقة تربوية، أي نعلمهم أن يتعاملوا
فقط مع ما يعود عليهم بالنفع، وأن يبتعدوا عما يضيع وقتهم فيما لا يفيد، فإذا ما
تعلم الابن هذه الطريقة فإنه بالطبع سيبحث عما هو مفيد، كما يمكن للوالدين تشجيع
ابنهما التعامل مع هذه المواقع بإيجابية من خلال الطلب منه أن يبحث لهما عن موضوع
مفيد، ويجمع عنه معلومات من أجل أن يقوم بعرضها في مجلس العائلة المسائي، كما
ينبغي أن يظهرا له بأنهما واثفان فيه، وأنه ليس مصدرا للشك، وهذا سيمنحه الثقة
بنفسه، ويزداد تقديره لذاته، وبالتالي تقل فرص وقوعه في براثن المقاطع المسيئة.
- ما أهم الجوانب المتميزة المتعلقة بالتكنولوجيا واستخداماتها التي ينبغي
أن نعلمها لأطفالنا؟
التكنولوجيا لها إيجابيات كما لها سلبيات، ويمكننا استثمار تلك الإيجابيات
في تربية أولادنا، وهي أن نوجههم نحو التعامل مع البرامج التربوية المفيدة،
والألعاب التعليمية التي تنمي القدرات. كما أنه يمكننا في حالة المراهقين أن
نوجههم لتعلم لغة البرمجة، والتعامل مع برامج الصور، كما يمكننا توجيههم لإنشاء
محتويات تعليمية مفيدة تفيد الآخرين، كأن يرفع مثلا أحدهم شرحا لمحتوى تدريسي معين
على اليوتيوب ليستفيد به الآخرون.
- يعتبر بعض الأطفال والمراهقين استخدامهم أو اتقانهم التعامل مع وسائل
التكنولوجيا هو نوع من تقدير الذات، فكيف ننقل لهم المفهوم الصحيح لتقدير الذات
سواء بالتعامل مع تلك الوسائل أو غيرها؟
بالطبع عندما ينجح الطفل والمراهق في التعامل بكفاءة مع وسائل التكنولوجيا،
فإنه يشعر بأنه قد أنجز شيئا لم يستطع أبويه أن يفعلاه، وبالتالي يكون بالنسبة له
قد حقق هدفا يشعره بقيمته وأهميته، وإذا ما أردنا أن نوظف ذلك بطريقة سليمة، علينا
أن نبصرهم بمفهوم الذات، وهو أن يتعرف الفرد على قدراته وإمكانياته، ويتعرف على
نقاط القوة لديه وكيف يمكن له أن يستثمرها في ما هو نافع ومفيد، وكيف يتعرف على نقاط
الضعف لديه ويحاول معالجتها، وبعد ذلك نبصرهم بمفهوم تقدير الذات، والمقصود به مدى
الرضا أو عدم الرضا عن الميزات الموجودة بالشخصية. وبعد أن يتعرف الابن على هذين
المفهومين، نقوم بتوجيهه نحو كيفية استثمار نقاط القوة لديه في استخدام وسائل
التكنولوجيا الحديثة بطريقة تعود عليه وعلى الآخرين بالنفع، كأن يقوم مثلا – كما
سبق وأن أشرنا – بتقديم شرح بالفيديو عن محتوى في مادة العلوم مثلا، ومن ثم رفعه
على اليوتيوب ليستفيد منه الآخرين، أو نوجهه لكي يصمم مدونة يعرض عليها فيديوهات
تعليمية ومقالات بها معارف تفيد المشاهدين.
- إلى أي مدى هناك خطورة عندما يعمل الأبناء مقارنات بين واقعهم وبين ما
يشاهدوه من صور وردية على حسابات الآخرين في وسائل التواصل الاجتماعية، خاصةً إذا
كانوا ممن يعانون في حياتهم؟
أسلوب المقارنة عموما يشكل ضغطا نفسيا لدى الشخص الذي يستخدمه، خاصة إذا
كانت الفجوة كبيرة بين من المقارن والمقارن به، وبالطبع عندما يقوم الأبناء
باستخدام أسلوب المقارنة مع زيادة الفجوة التي أشرنا إليها فإن ذلك يولد لديه
صراعات نفسية قد تقوده إلى أن يصل إلى مرحلة الإيذاء النفسي والجسدي، وكم سمعنا عن
أطفال قاموا بتقليد مشاهد فيلمية معينة كلفتهم حياتهم. ومن هنا على الآباء كما سبق
وأن أشرنا أن يتابعوا أبناءهم – ليس كنوع من المراقبة – بل من خلال الحوار والنقاش
حول المعلومات المسموعة أو المقروءة أو المرئية على مواقع التوصل الاجتماعي، لكي
يقوموا بتصويب أي تشوه للأفكار التي قد يكونها أبناءهم عن هذه المعلومات، وبالتالي
حمايتهم من أي ضرر قد يقع عليهم.
- كيف على الأهل تحذير أطفالهم من مرتكبي الجرائم الجنسية عبر النت
واستغلال الأطفال بطرق شتى؟
على الآباء أن يعقدوا جلسات حوارية مع أبنائهم، ويتناقشوا معهم في ألا
يقوموا بكتابة معلومات شخصية أو بيانات شخصية لأي شخص غريب لا يعرفوه، لأنه قد يستخدم
هذه المعلومات في الابتزاز.
- ما نصائحكم للأهل في التعامل مع أخطاء أبنائهم الطائشة في استخدام وسائل
التكنولوجيا؟
على الآباء تجنب استخدام أسلوب اللوم والتوبيخ لأبنائهم عند الوقوع في أي
خطأ، لأن ذلك يولد نوع من المقاومة فيما بعد، ولكن عليهم أن يستخدموا أسلوب النقاش
والحوار وتقديم الأدلة والبراهين المقنعة التي تدعم وجهة نظرهم، لأن الأبناء لا
يحبون أسلوب الأوامر والتوجيه، خصوصا المراهقين.
مقال رائع، مختصر، ومفيد، شكرا بلا انتهاء.
ردحذف